|
4
ديسمبر
2024
|
شجون عراقية:(موسم التنجيم ومجتمعات الحسد !!)...بقلم الدكتور كريم صويح عيادة
نشر منذ 3 اسابيع - عدد المشاهدات : 33
|
مرت البشرية عبر تأريخها الطويل بمراحل أربعة؛ مرحلة الخرافة والسحر والجن، ثم جاءت بعدها مرحلة الاديان السماوية والروحانيات، ثم تلتها مرحلة الفلسفة وما وراء الطبيعة، والان هي في مرحلة العلم والمعرفة والتكنولوجيا..هذا لا يعني أن كل مرحلة تلغي تماما المرحلة التي سبقتها، لكن لكل مرحلة ما يميزها ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وعمرانا، وحتى يتم اعادة صياغة وانتاج المرحلة السابقة بما يتماشى مع واقع المرحلة الحالية.
للاسف كون شعوبنا خاملة بطبعها، تخاف من الحقيقة والتصدي لمصيرها وخلق مستقبلها بالتفكير والمنطق والعمل، لذلك بقت من الشعوب الاقل قراءة وتعلما والأبطئ في التجديدا والاكثر تعلقا بالماضي وكأنها تحاول ان توقف عجلة الزمن والرجوع بالمجتمعات لقرون ماضية لما فيها من مجد حسب تصورها وكنوع من الهروب من الواقع المرير والذي من الصعب عليها تغيره.
نحن شعوب تعودت منذ زمن طويل على أن تمسح الزجاج بورق الصحف او تاكل عليه وتلف ما تبقى من الطعام فيه بدلا أن تقرأ مقالاتها، وتصنع من اوراق الكتب محتوى ل "حب السلوسي" في الدكاكين بدلا من أن تقرأ ما في داخلها من أفكار وعلوم، لكنها في نفس الوقت تجيد قراءة الفنجان والكف والغيب رغم عدم وجود كتابة فيها..نحن من اكثر الشعوب التي تؤمن بالحسد والعين رغم كوننا لا نملك ما يحسدنا عليه الاخرون من مال وجمال وصحة ورشادة مقارنة مع سكان العالم..نحن من اكثر الشعوب التي تلتجئ للخيرة لحل مشاكلها ولاختبار ابسط امورها حتى شراء دراجة هوائية وحين السفر والزواج وتسمية اطفالها، ولا ابلغ اذا قلت نحن اكثر الايات نقراءها من كتاب الله هي المعوذتين، وكأننا اكلنا من تفاحة ادم او ثقبنا سفينة نوح او من عاقري ناقة صالح أو تلبس فينا من سحر هاروت في بابل.
في بلداننا وفي نهاية وبداية كل عام ميلادي ينتشر المنجمون في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وتتداول تنبؤاتهم بين الناس وكأنها حقائق ثابتة اكثر من كتب مثقفينا ومقالات كتابنا ونصائح علماءنا وتحليلات خبراءنا..بينما لم نجد ذلك بالدول والشعوب المتحضرة، ففي الصين واليابان وكوريا لا يوجد منجمون على شاشات التلفاز بل يجتمع المسؤولون والعلماء والخبراء ليراجعوا منجزات وسلبيات العام الماضي ويضعون الخطط للعام القادم لتطلع عليها مجتمعتهم ويصوبها للصالح العام...
اللهم احفظ العراق وشعبه وكل بني الإنسانية