20
ديسمبر
2024
كوكب القردة وحتمية التقسيم في الشرق الأوسط .. بقلم عبدالعظيم حالوب/هولندا
نشر منذ 6 يوم - عدد المشاهدات : 16

منذ بداية القرن العشرين، شكلت منطقة الشرق الأوسط ساحة للتدخلات الدولية والإقليمية، بدأت باتفاقية سايكس-بيكو عام 1916 ووعد بلفور 1917  ولا يزال مسلسل هذه التدخلات تنخر دول المنطقة لتظيف للحدود المفتعلة حدوداً اخرى وللرايات المصطنعة رايات ورايات. جعلت من مدن هذه الدول العريقة مكباً لنفايات العالم من المتطرفين. تختفي فيها اطر القوانين الانسانية  وتسري فيها العشوائية ليبدو لك مع مرور الزمن انك تعيش حرفيا في كوكب القردة. ففيلم "كوكب القردة" الذي استمتعتنا كثيراً في مشاهدة اجزائه العديدة, هو في الاخير  صناعة امريكية وواقعنا الذي نعيشه في الشرق الاوسط هو  كذلك، فكل تغيير يجري تجد ان صنّاع هذا الفيلم لهم يد فيه, اكيد انك ستتفاجئ عند نهاية كل مطاف..! اثناء الفيلم وبعدما غلب عليك الظن انك دخيل على هذا الكوكب الذي يعجُّ بالقرود وان هنالك امل في العودة الى كوكب الارض حيث الانتماء والحياة الكريمة , فاذا بك تصاب بالذهول اخر الفيلم اذ تدرك انك على كوكب الارض بل وفي ذات منطقتك,لكن الكوكب ببساطة الَ الى للقرود...! تماما كما كنا نتوخى الخير من هذا التغيير او ذاك, فاذا بالنزاعات تبرز  من جديد ولكن بحلةٍ اخرى ترافقها حدود واعلام جديدة..! فبعد اجتياح العراق 2003 وما اعقبه من ثورات سميت بالربيع العربي والتغيير الاخير الذي جرى في سوريا, بدأت تتضح اكثر فأكثر معالمُ المرتجى من هذه التدخلات و أصبح مفهوم "تقسيم المقسم" موضوعًا متداولًا في الأوساط السياسية والإعلامية لصناع هذا الفيلم، ما يشير إلى محاولة إعادة تنقيب في الماضي لايجاد سايكس-بيكو جديد تجزأ ما تم تجزئته مسبقا.

     تجزئة المجزء.. مشروع ساري المفعول ؟

ان (نظرية الأمن الصهيوني) تقوم على تجزئة المجزء من الدول العربية.... والعراق كان دائماً في طليعة الدول المستهدفة ...وفي تقـرير للمنـظمة الصـهيـونية العالمية الذي نشرته مجلة (كيفونيم)  1982, وردت عبارات صريحة روت ما يجري حدوثه الان في العراق، وما سيُدبَّر لسوريا في المرحلة القادمه حيث جاء في التقرير" العراق الغنيّ بنفطه، والفريسة للصراعات الداخلية ,انهياره سيكون بالنسبة لنا أهم من انهيار سوريا لأن العراق يمثل أقوى تهديد للدولة العبرية في المدى المنظور"

في منتصف خمسينات القرن الماضي تسربت وثيقة من هيئة أركان الجيش الصهيوني، وهذه الوثيقة تتضمن مخططات  حول تجزئة البلدان العربية تجزئةً  جديدةً بعد تقسيمات (سايكس بيكو)، وفيها تخصيص دولة كردية في شمال العراق، وأخرى شيعية في جنوبه. وفي  عام 1996 وتحديدا في امريكا اعد المحافظون الجدد من اليهود مشروعاً لتقسيم العراق وقد اُرسل الى نتنياهو  ليرتّب على أساسه سياسة الدولة الصهيونية  قادم الايام, وهذا ما لوح به نتنياهو  مؤخرا في اكثر من مناسبة  والذي اطلق عليه الشرق الاوسط الجديد. شرق اوسط يتلائم و مصالح واهداف الكيان وامريكا. وهذا ما ينسجم تماما مع ما اطلقه المؤرخ (برنارد لويس).

من هو برنارد لويس وما هو مشروعه الذي كان سببا في بزوع نجمه؟

برنارد لويس" يهودي  من اصل بريطاني اكتسب الجنسية الامريكية وهو اول من اطلق مصطلح صراع الحضارات. استدعاه جيمي كارتر رئيس امريكا فى الفترة من  1977-  1981  ليكون مستشارا له  في شئون الشرق الاوسط.عندها  وضع مشروع التفكيك. وبرنارد لويس هذا كان يرى العراق كياناً  هجيناً، قام على  خطأ تاريخي تسببت فيه بريطانيا، وإن اجتياح 2003 للعراق والعمل على تجزئته فرصة لتصحيح ذلك الخطأ.

عام 1983 وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية على مشروع لويس الذي كان من جملة ما قاله في العرب  "لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان" .

إن مشروع السيطرة واعادة تقسيم الشرق الاوسط  سوف لن يقتصر  على العراق وحسب بل سيطال جميع دول المنطقة. وهذا ما اكده وطرحه مسبقا  كيسنجر  في  رؤيته للشرق الاوسط عام (1973)  ومقولته المثيرة  للجدل " هنالك دول يمكن الاستغناء عنها "

وقد دأبت  الإدارات  الأمريكية المتعاقبة على دعم الدراسات الداعية إلى تقسيم العراق وغيره من الدول فما طرحته جامعة تكساس من وثيقة تضمنت  خريطة للتوزيع العشائري للعراق ما هي الا نزر  يسير من دراسات التقسيم, اذ حددت أسماء ومناطق النفوذ لهذه العشائر وطرحها  أمام الادارة الأمريكية للاستفادة منها  في تنفيذ فكرة التقسيم الإثني للسكان في العراق.

 


صور مرفقة






أخبار متعلقة
التوقيت الان
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار
top