|
22
اكتوبر
2024
|
شجون عراقية:(مراجعة النفس الفريضة الغائبة!!) بقلم د كريم صويح عيادة
نشر منذ 3 اسابيع - عدد المشاهدات : 28
|
ثقافتنا العربية والاسلامية ثقافة غير نقدية بطبيعتها، بمعنى انها لا تناقش ولا تفحص ما تعتقده من المسلمات العقلية والمجتمعية والفقهية، بل تتبناها كما هي وتحميها من النقد والتقييم، وتحاول أن تجد لها تبرير، لذلك تجد الكثير منا ينتقد الاخرين ولكن نادرا ما ينتقد نفسه، وكأننا ملائكة او معصومين من الخطأ، كما نجد مسؤولينا وقوانا السياسية لا تنتقد تجربتها ولا تراجع برامجها ومسيرتها الا بالتعظيم والتطبيل مصحوبة بالتسقيط والنيل من الاخر !!.
نحن امة تجيد نقد الاخرين، فالرئيس ينتقد المرؤوسين، والموظفين ينتقدون مسؤوليهم، والبرلمان ومجالس المحافظات ينتقدون الحكومات والعكس صحيح..، تاريخيا السنة ينقدون الشيعة والشيعة ينقدون السنة والفلاسفة ينقدون الفقهاء والفقهاء ينقدون الفلاسفة، والحنابلة ينقدون الاشعرية والاشعرية ينقدون المعتزلة، والمسلمون بشكل عام ينقدون الأديان الأخرى، وحتى الحضارات الاخرى.
لكن من النادر جدا أن تجد "نقدا ذاتيا" لأنفسنا وللأفكار الكبرى ولا حتى الفروع. فلم نجد شافعيا يوجه نقدا ذاتيا للشافعية، ولا حنبليا يوجه نقدا ذاتيا للحنبلية، ولا شيعيا ينتقد بشكل بناء علويا او زيديا، ولا فيلسوفا يوجه نقدا ذاتيا للفلاسفة وافكارهم، ولا مفكرا مسلما يوجه نقدا ذاتيا حتى لفروع الإسلام والاحاديث الضعيفة والموضوعة.
أن احدى أسباب نهضة الشعوب الاخرى هو النقد الذاتي والذي أصبح ممارسة مهمة ومحمية ومقدرة والذي شمل بعض العادات والتقاليد والعمل السياسي حتى وصل في اوروبا لأسس وأصول من المسيحية التي لا تتماشى مع روح وتضحية المسيح ع نفسه بل سببت حروبا ودمار واسعا، ولم تقف عند هذا بل ان فكرة التنوير نفسها لم تسلم من النقد، وظهرت تيارات تنتقد التنوير والعقل والقيم الكونية الاوربية.. حتى انتقلت من النقد الى نقد النقد والى نقد نقد النقد، بينما بقت مجتمعاتنا ترفض فكرة النقد من اساسها، وتعتبر النقد الذاتي خيانة وكفر وتمجيد للصهيونية وجلدا للذات وهدم للمجتمع وتضعيف لبيضة الدين والمذهب.
النقد الحقيقي هو ان ينتقد الأنسان نفسه وتحيزاته واخطاءه، وأن تقوم القوى السياسية والحكومات بمراجعة مسيرتها وأدبباتها وإخفاقاتها للإصلاح والتقدم كما فعلت المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية..أما نقد الآخرين فقط فلا قيمة له، لأن يقع في باب التسقيط والمصالح الشخصية والحزبية والفئوية..لطالما تمنينا أن نراجع وننتقد أنفسنا حتى يقوم الآخرون بنقد انفسهم واعادة فحص ونقض افكارهم بطريقة أكثر جذرية وبدون عنف كما نقوم به نحن الان.
اللهم احفظ العراق وشعبه وكل بني الإنسانية.........